mercredi 18 février 2015

الثقافة الجنسية... لماذا، ومتى، وكيف؟

جأة أخرجت المشاكل الجنسية رأسها المدفون من تراب العيب وبدأ الإعلام العربي كما بدأت الصحافة المحلية السعودية والندوات الثقافية في الآونة الأخيرة تناقش هذه المشاكل وتطرح مفهوم الثقافة الجنسية والعلاقة بين غيابها وبين ظواهر عديدة خطيرة طرأت على المجتمع منها انتشار الطلاق وعقود الزواج المستحدثة والعلاقات الغير شرعية... كل تلك الأمور تطرح تساؤلات حول قضية شائكة، ومعكم في "عربيات" من خلال هذا التحقيق نبحث عن الإجابات في محاولة لتبسيط الرأي العلمي مع مقاربته بالواقع المجتمعي وموافقته للحكم الشرعي.

لماذا؟
سؤال منطقي يطرحه الفريق المعارض لمناقشة القضايا المتعلقة بالجنس معتبراً أن التربية والثقافة الجنسية هي أمور مستحدثة ومختلقة، ذلك أن العلاقة الجنسية من الأمور الفطرية التي ظلت الأجيال السابقة تمارسها ضمن الأطر المشروعة دون الحاجة إلى معلم.

{

والإجابة تحرتها "عربيات" عند الدكتور خالد باحاذق وهو الحاصل على ماجستير (الثقافة الجنسية) منذ عام 1398هـ وعن استشرافه للمستقبل باختيار ذلك التخصص، قال: "في زمني وزمن آبائي وأجدادي لم تكن هذه القضية مؤرقة، فالإنسان كان يتزوج ويتكيف مع الواقع دون أن يتعرض قبل أو بعد الزواج لمغريات أو يشاهد ما يدعوه إلى المقارنة بين حياته وحياة الآخرين كما لم تكن تتوفر خيارات ولا بدائل... ولكن عندما سافرت للخارج لاستكمال دراستي العليا لفتت انتباهي ثورة الاتصالات التي أدركت أنها ستنتقل إلينا يوماً ما حيث سنصبح معرضين لوسائل الإعلام المرئية والإلكترونية التي قد تخلق متابعتها مساحة واسعة من المغريات والمقارنات والبدائل وتصبح مصادر للمعلومات عن الأمور التي نخجل من الحديث عنها، كنت أتسائل هل من الممكن أن نتفادى السقطات التي سقطت فيها الشعوب الغربية؟ وشعرت بالحاجة إلى اتخاذ خطوة استباقية لاستقبال العصر الجديد ونحن في حالة من الجاهزية والتحصين لتلافي الانعكاسات السلبية للتطور، لذلك اخترت دراسة تخصص (الثقافة الجنسية) الذي بدأنا مؤخراً فقط ندرك أهميتها"... قاطعته مجدداً بنفس السؤال:" لماذا الآن؟ هل تغير الإنسان؟"... فأجاب:" طبيعة الإنسان لم تتغير بل على العكس ظل كما هو يحمل مفاهيم متوارثة بعضها سلبي والبعض الآخر إيجابي بينما تغيرت طبيعة المؤثرات من حوله ".



متى؟
الفريق المحافظ في مختلف أنحاء العالم ومن مختلف الأديان يعتقد أنه كلما تأخر وعي المراهق بالأمور الجنسية تقل إمكانية وقوعه في علاقات غير أخلاقية أو غير سوية، وهذه الرؤية يقابلها سؤال آخر من المختصين في مجال الثقافة الجنسية وهو (إذا تأخرت المدرسة والبيت عن تقديم هذه الثقافة هل بالإمكان ضمان عدم وصول المعلومات للمراهق من مصادر أخرى كالأصدقاء والمجلات والفضائيات والإنترنت والهواتف الجوالة؟)... لا أحد يملك الإجابة لكن الأسرة والمجتمع يملكون الخيار الأنسب لتربية الأبناء.

كيف؟
جزء من الجدل الدائر حول قضية تعلم وتعليم الجنس والتحفظ على ذلك يعود إلى سوء الفهم أو الحكم المسبق خاصة وأن أغلب الأطروحات التي تتناول هذه الفكرة اعتمدت إما على تعريفات علمية معقدة يصعب على الإنسان العادي استيعابها كما يصعب تحديد آلية تطبيق النظريات العلمية، أو أنها اخترقت حاجز الحياء باستخدامها لألفاظ وصور خادشة... ومن هنا اتجهت "عربيات" إلى البحث عن ما وراء التعريف وعن آلية التطبيق، حيث يفترض أن تتدرج عملية التعليم والتوعية وتتطور مع مراحل نمو الإنسان وقدراته الاستيعابية وحاجاته الفطرية فتأخذ الأشكال التالية:
1) التعليم والتوجيه: مرحلة التعريف والتوجيه الأولى تكون في فترة الطفولة من حياة الإنسان منذ أن يبدأ الطفل باستكشاف أعضاء جسده ومن ثم ملامستها أو طرح الأسئلة والاستفسارات حولها وحول الفارق بين الذكر والأنثى وكيفية الحمل والولادة وغيرها، وتتطلب هذه المرحلة وعي الأسرة بحيث تبدأ بالتوجيه بأسلوب تربوي صحيح دون أن تتجاهل تصرفاته وتساؤلاته ودون أن تبالغ في تعنيفه فتلفت انتباهه إلى حساسية هذه الأعضاء والأسئلة دون غيرها، وهنا تقول استشارية الطب النفسي الدكتورة سعاد الخولي:" إذا لاحظت أن طفلك على سبيل المثال يكثر من ملامسة أعضاءه التناسلية فلابد من فتح باب الحوار التوجيهي بشكل متدرج مثل تنبيهه بأن لايضع أصابعه في الفم أوالعين أو يدخل أداة رفيعة إلى أذنه أو يعبث بأعضائه التناسلية لأن هذه الأمور غير لائقة وقد تسبب له أضرار صحية وبذلك تصله الرسالة دون لفت انتباهه إلى أن هذه المنطقة بالتحديد لها وضع خاص... كذلك لحمايته مما قد يتعرض إليه من تحرشات بالإمكان إدراج التحذيرات من ضمن سلسلة نصائح توجهه إلى عدم تناول شيء من شخص غريب وعدم السماح لأي شخص بالكشف عن ملابسه باعتبارها جزء من الآداب فيتم تعليم الطفل والطفلة آداب الحديث مثلاً ومعها آداب الجلوس التي تراعي تغطية الملابس للمناطق التي تسترها من الجسد من باب اللياقة والآداب العامة دون التطرق إلى إمكانية استخدام هذه الأعضاء للتحرش الجنسي، وبذلك يكتسب الطفل المعلومات المطلوبة بشكل مبسط يناسب قدراته الاستيعابية ووعيه الحسي ويطبق النصائح مجتمعة بسلاسة دون أن يضطر الأهل إلى الدخول في حرج التوجيه حول هذه الأمور دون غيرها بشكل مفصل".


2) التربية الجنسية: تبدأ في سن التمييز حيث يمكن توضيح وظيفة أعضاء الجسم بشكل عام مع تجهيز الطفل لاستقبال مرحلة البلوغ التي ترى كذلك الدكتورة سعاد أنها عملية تتطلب التبسيط دون مبالغة في التخصيص فتقول:" في المرحلة المبكرة من سن التمييز نمهد للطفل باختصار أن لكل مظهر من مظاهر البلوغ الذي ينتظره شكل معين وآليات للتعامل، فمثلاً أسنانه ستسقط وتنبت له أسنان جديدة أقوى لذلك عليه الاعتناء بها وبنظافتها، الشعر كذلك سينمو بغزارة أكبر ولابد من إزالته من بعض مناطق الجسد، والصوت سيتغير، ومن ضمن كل ذلك يتم على سبيل المثال إيضاح عملية الحيض للفتاة حيث قد تتألم كما تألمت عندما سقطت أسنانها وستنزف لبعض الوقت ولكن سرعان مايتوقف النزيف مع ضرورة المحافظة على نظافة الأعضاء التناسلية كما تحافظ على نظافة الأسنان وبقية أجزاء الجسد، بذلك يمكن تخفيف موجات الهلع التي قد تصيب الفتاة إذا واجهت أعراض البلوغ دون استعداد مسبق".


0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.

Archives du blog